هكذا كان أبى!

2014/01/03 التسميات:

مدونة ابداع قصص شعر قصائد




يقولون أن غياب الأب الدائم عن المنزل يؤثر بالأبناء سلباً فينقص من أخلاقهم ويقلل من تربيتهم ويخرج للمجتمع زمرة من الفشلة المنحلين الناقصين تربية..

ولكن نظرة المجتمع فى الواقع خاطئة تماماً هذه المرة، فالأم مــدرسـة إذا أعــددتـهـــا أعـددت شعبا طيب الأعــراق.. وهذه المقولة صحيحة الأم هى من تربى وتتعب وتبذل الجهد لكى تصنع من الأبناء رجل صالح وأم حنون حكيمة ، وبرغم أن وجود الرجل هام وأساسى لصنع التوازن المنطقى لبيئة نقية لتنشئة طفل عاقل ومتزن ، ولكن هذا يقودنا لسؤال فى غاية الأهمية ..

أين هو الأب هذه الأيام .. ومتى يتواجد فى حياة أبناءه..

فى أغلب العائلات باتت الأم هى الراعى الأساسى للأبناء ، بسبب غياب الأب الدائم فى عمله ، فبدأت تتابع دراستهم وتتابع نموهم العقلى والجسدى.. إذا مرض أحد الأبناء تكون هى من يسرع به للطبيب ، وإذا إحتاج أحدهم لثياب جديدة تكون هى من تصطحبه لشراءها .. والعامل الأساسى لوجود الأب فى كل هذا هو المال.. وهذا ينقص من دوره وأهميته ، فلو أن المرأة تعمل ما أحتاجت حتى لهذا الدعم المادى..

فى المعتاد يتكون دور الأب فى حياة أطفاله ، من المرشد والراعى و المخطط والمكون لشخصية طفله.. بإختصار دور الأب هو عبارة عن ريشة فنان موهوب مبدع ، يرسم بصبر حياة أبناءه ويخطط لهم مستقبلهم منذ ولادتهم ، حتى يصلون لمراحل الجامعة ، وربما العمل.. ولهذا فهو مطالب بالتواجد 24 ساعة فى غيابه ووجوده.. التواجد فى روح الأم وعقلها.. التواجد فى قلوب أبناءه الذين يطيعونه فى غيابه حباً فيه وخوفاً من إثارة حزنه إذا ما أخطأوا..

والتواجد فى كل دقيقة وثانيه يكونون بحاجة إليه فيها .. إلى إرشاده .. وإلى توجيهه

ولكن للأسف لم يعد آباء هذه الأيام ينتمون لهذه الفئة من الأبوة.. فالأب هذه الأيام منشغل تماما بعمله إلى حد الإدمان.. يقضى كل أوقاته فى دنيا أخرى بعيدة عن عالم الأطفال السحرى الوردى ، والذى لا مشاكل فيه أهم من مشاكلهم التافهة من نظر الأب ، والعجيب فى الأمر والذى قد يكاد يكون مضحكاً أن الأب يدعى بإستمرار أنه يؤمن لهم مستقبلهم متجاهلاً اللحظات النفيسة الأهم التى يضيعها من بين يداه والتى ستشكل فيما بعد الذكريات التى ستكون جزءاً كبيراً من شخصيته والتى لزاماً على الأب أن يتواجد بها

أنا لا أقول أن الأب لم يعد له تلك الأهمية التى كان يمتلكها قديماً .. تلك الصورة المهيبة الفخمة عن آباءنا وأجدادنا بعظمتهم وهيبتهم ورونقهم وسحرهم الذى لا يضاهى .. فقط أقول انه قد بدأ يخسر مكانته تلك بسبب إنشغاله الدائم عن أطفاله وعصبيته وحدته فى تعامله معهم برغم قلة وندرة الوقت الذى يمضيه فى الواقع برفقتهم..

وهذا نداء منى لكل آباء الجيل الجديد.. جلينا .. تراجعوا عن إدمانكم للعمل ، وفكروا قليلاً بأبناءكم .. خصصوا لهم وقتاً ثابتاً كل يوم للجلوس معاً وتبادل الأخبار.. حددوا يوماً فى الأسبوع تفرغوا فيه تماماً لهم.. أخرجوا فى نزهة ، ولو لشراء الطلبات .. كونوا صبورين أكثر قليلاً .. فهم بحاجة لأذن تسمعهم أكثر منهم بحاجة لصوت عال ينهرهم..

فقط فكروا فى مستقبلهم بعد عشرون عاماً ، هل حقاً تريدون أن تتحولوا إلى ذكرى باهتة فى أذهانهم ، وعندما يسألون عنكم لا يجدون إجابة مرضية.. أم تفضلون لو يبستمون بفخر ويقولون بثقة وإعزاز.. 

هكذا كان أبى ..

1 التعليقات:

Unknown يقول...

السلام عليكم
اعجبنى مقالك ... لكن لى تحفظ عليه
كتبت تعليق سابق فيه شرح لوجهة نظرى لكن للاسف لم ينشر
لا اعرف هل لانه كان طويل ام ماذا ؟
على كل لكى منى كل التقدير والاحترام

إرسال تعليق

 
موقع مجلة ابداع أون لاين الالكترونية © 2013 | برعاية : مدونة الذات لتطوير الذات | تطوير وتصميم : المصمم الرقمي